الجمعة، 1 مارس 2013


قياس سرعة الضوء


 كيف تقيس شيء مثل الضوء ..؟

لو كان سيارة أو طيارة او قطار سهل لكن كيف الضوء..؟

 


عندما ننظر إلى السماء ونرصد نجماً ما فإننا في الواقع نرصد ماضي هذا النجم، لماذا؟ لأن للضوء محدود السرعة.. لكن الأقدمين حتى القرن السابع عشر كانوا يعتقدون بالانتشار الآني للضوء أي أنه لا يستغرق وقتاً لقطع المسافات!!
 وأول تجربة لمعرفة إن كان الضوء آنياً أم ذو سرعة محدودة قدمها غاليليو في كتابه حوارات، حيث وضع راصدين على مسافة 1.5  كلم من بعضهما، ومع كل واحد منهما منبع ضوئي، يطلق الأول إشارة ضوئية لتذهب إلى الراصد الآخر الذي يطلق بدوره إشارته حالما يرى الضوء، وعندما يرى الراصد الأول ضوء إشارة الراصد الثاني يحسب الزمن المنقضي بين إرساله واستقباله للضوء، ومن هنا يمكن حساب سرعة الضوء، ولكن استجابة الإنسان غير آنية.. لذلك أدرك غاليليو أن التأخير الذي قاسه كان سببه الراصدان، فاستنتج أن الضوء قد يكون آنياً وأنه إذا لم يكن كذلك فهو سريع بشكل مذهل، وقد أوصى غاليليو بإعادة التجربة (لأنه ذكرها في كتابه حوارات والذي خطه آخر أيامه في الإقامة الجبرية) مع راصدين يبعدان عن بعضهما ضعفي أو ثلاثة أضعاف المسافة، وأنه إذا لم يرصد تأثير لمسافة قدرها 9 كلم يمكن عندها الوثوق بأن الضوء آني!

نعلم اليوم سبب فشل غاليليو وهو عدم امتلاكه لميقاتية تقيس الفواصل الزمنية الصغيرة، فالضوء يقطع المسافة 3 كلم خلال جزء من مئة ألف جزء من الثانية‍‍‍‍‍‍‍‍‍‌‌‍‍‍!

 ربما لم يستطع غاليليو تحديد سرعة الضوء إلا أن أقماره الأربعة التي اكتشفها حول المشتري كانت الطريق الذي سلكه الدانمركي أ. رومر Olaus Romer في تحديد أول قيمة لسرعة الضوء عام 1675 فقد رصد رومر خسوفين متتاليين لـ آيو Io أقرب الأقمار الأربعة للمشتري وأكثرها سرعة بدورانها حوله، فلاحظ أن المدة الفاصلة بين الخسوفين حوالي 22 دقيقة، وقد فهم رومر أن عدم الانتظام في مواعيد الخسوف يعود إلى موقع الأرض في مدارها حول الشمس والفترة التي يقطع الضوء بها هذه المسافة، فعندما تكون الأرض أبعد ما يمكن عن المشتري تكون المدة أعظمية، وتكون أصغرية عندما تقترب الأرض من المشتري أكثر ما يمكن، فعلم رومر أن الـ 22 دقيقة تأخير التي رصدها هي الزمن الذي يستغرقه الضوء لقطع قطر المدار الأرضي حول الشمس والبالغ 186000 ميل (حوالي 3×10 8 كلم) فاستنتج أن الضوء يسير بسرعة220000 كلم/ثانية، ربما تبعد هذه القيمة قليلاً عن القيمة الحقيقية (بسبب خطأ رومر بـ5دقائق) إلا أن  أهميتها تكمن في إثبات أن الضوء محدود السرعة..
 ومع ذلك لم تلق اهتماماً واسعاً بالرغم من تقبل نيوتن وهالي وهويغنز لها! إلا بعد 50 عاماً حيث استفاد منها جيمس برادلي عام 1728  في اكتشاف ظاهرة الزيغ الضوئي Aberration of light والذي يرتبط بمعدل قسمة السرعة المدارية للأرض على سرعة الضوء، وفي حين وجد رومر أن الضوء يستغرق 11 دقيقة ليقطع مسافة نصف القطر الأرضي فقد قلص برادلي المدة إلى 8 دقائق و13 ثانية، ليحصل على قيمة لسرعة الضوء  303000 كلم/ثانية بما يوافق القيمة الحديثة (199792 كلم/ثانية) بشكل مذهل.

وبعد أكثر من مئة وعشرين عاماً نجح الفيزيائي الفرنسي أرماندو فيزو Armando Fizeau في قياس سرعة الضوء بطريقة أرضية غير فلكية عام 1849 وذلك بأن عكس الضوء بواسطة مرآة بين نقطتين يبعدان عن بعضهما 8 كلم مستخدماً قرصاً مسنناً يدور بسرعة لتوقيت الضوء حيث تمنع الأسنان مرور الضوء في حين تسمح الفتحات الموجودة بين الأسنان للضوء أن يمر عبرها، وقام فيزو بضبط معدل دوران القرص بحيث يمكن للضوء الذي مر من خلال فتحة القرص إنجاز رحلة8 كلم/ثانية والعودة في نفس اللحظة التي تقوم فيها السن التالية لتلك الفتحة باعتراض درب الضوء، وبمعرفة المسافة التي يقطعها الضوء ومعدل دوران القرص وخطوة أسنان القرص حسب فيزو سرعة انتقال الضوء.
قام العالم فيزو بإجراء تجربة تاريخية عام 1849 لقياس سرعة الضوء باستخدام تركيب ذكي، يتألف من عجلة مسننة ومرآتين، إحداها عاكسة تماما للضوء والأخرى نصف عاكسة (تعكس جزءا من الضوء وتترك الجزء الآخر ينفذ).

 

الجهاز التجريبي المستعمل:
-يصدر منبع ضوئي s الضوء فينعكس على المرآة الأولى نصف العاكسة، فتقطع الحزمة الضوئية المنعكسة مسافة d بين نقطتين A ,B ، ذهابا وإيابا (يتم الانعكاس مرة ثانية على المرآة العاكسة عند A)، الحزمة المنعكسة تنفذ عبر المرآة نصف العاكسة لتصل إلى عين الملاحظ.
- توضع العجلة المسننة التي تتألف من 720 سنا و 720 تجويفا، بحيث يعبر الشعاع الضوئي تجويفها عند الذهاب و الإياب. انظر الشكل.






-المسافة التي يقطعها الضوء هي بين مكانين A في مدينة "موتمارت" ، وB جبل "فاليريان" ب" سوران". المسافة بينهما تساوي d = 8633 m.
- تمكن فيزو من تحديد أكبر سرعة لدوران العجلة المسننة التي من أجلها يقطع الضوء مسافة الذهاب والإياب من خلال تجويفة واحدة أي من بين سنين مجاورين للعجلة ، وهكذا يرى الملاحظ الضوء بصفة مستمرة.والتي بمجرد تجاوزها يختفي الإشعاع الضوئي.
وجد هذه سرعة الحدية لدوران العجلة تساوي v = 12.6 دورة في الثانية.
12,6tours/seconde


تحديد سرعة انتشار الضوء:

إذا كانت سرعة الضوء هي c ، فإن الضوء يقطع ذهابا و إيابا المسافة خلال المدة الزمنية t التي تدور فيها العجلة الزاوية موافقة لسن واحد.
هذه الزاوية تساوي: 0,25°=(720 ×2) :° 360 ، (لأن دورة واحدة توافق 360° (قطاعات زاوية) التي تحصر سنا أو تجويفا هو 720×2).
بما أن القرص ينجز12,6 دورة في الثانية. أي 12,6x360° توافق 1 ثانية.
فإن الزمن t الذي تدور فيه العجلة بزاوية موافقة لسن واحد أي ب: يساوي:
360 ×t= 0,25: (12,6

5-^5,51.10 =

seconde
الضوء يقطع المسافة D = 2d خلال نفس الزمن t، ومنه

سرعة الضوء c = D/ t = 2d/t
2d= 2×8633m
t= 5,51 .10^-5 s

فنحصل على :

c= 3,13×10^8 m/s
وهي قيمة قريبة جدا من القيمة المعروفة حاليا :
c= 3×10^8 m/s






وفي العام 1862 قام الفيزيائي الفرنسي جان فوكو Jean Foucault بقياس سرعة الضوء من خلال تجربة مخبرية تعتمد مجموعة من المرايا تتحرك بسرعة.. ومنذ ذلك الوقت ابتكرت طرق أكثر دقة وبراعة لتحديد سرعة الضوء
وكان الأول في سباق بينه وبين فيزو Fizeau لقياس سرعة الضوء في الماء وفي الهواء بهدف المقارنة بينهما، وقد أعاد فوكو عام 1862 قياسه سرعة الضوء في الهواء باستخدامه تقانة المرآة الدوراة الموضَّحة في الشكل (1)، وحصل بهذه الطريقة على نتيجة لا تختلف عن أدق القياسات وأحدثها بأكثر من 0.06. وفيه تُضبط سرعة دوران المرآة حتى يرى الراصد باستمرار الضوء المنعكس عن المرآة الثابتة التي تبعد عن المرآة الدوارة مسافة تساوي 22 ميلاً. وممَّا يساعد على ذلك استخدام منبع ضوئي شديد إضافة إلى عدسة لتجميع الضوء المنعكس عن المرآة الثابتة.














* كيف تتكون الموجات الكهرومغناطيسية .....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق